حديثي فى الهجرة
إن مفهوم الهجرة هي الانتقال الفردي أو الجماعي من بلد
الموطن الأصلي للاستقرار في مكان وموطن أخر جديد , كما أن المهاجر من المنظور الإسلامي
والديني هو من هجر ما نهى الله تعالى عنه , كما أن الهجرة في الإسلام قد ختمت
وتوقفت بفتح مكة وما بعد الفتح هو جهاد وعمل , كما أن التقويم الهجري الإسلامي أو الهجري القمري
قد بدأ تأريخه في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه حيث اعتمد
هذا التقويم هجرة الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي بداية هذا
التأريخ وهذا التقويم يعتمد على دورة حياة القمر وهذا التقويم يتكون من 12 شهر تعتمد بداية كل شهر على رؤية القمر في
الشهر الذى يسبقه وتكون السنة في التقويم الهجري 354 – 355 يوم بينما التقويم الميلادي
الغربي أو تقويم القس غريغورى قد اعتمد في تأريخه على ميلاد السيد المسيح عليه
السلام وهو يعتمد على دورة حياة الشمس وتكون السنة في التقويم الميلادي 365 – 366
يوم , علماً بأن ميلاد السيد المسيح عليه السلام يسبق ميلاد الرسول الأعظم سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم بـ 622 عام ,
فإذا كان نبي الله آدم عليه السلام المخلوق دون أب و أم هو المعجزة الإلهية الأولى
في خلق البشرية وأن السيدة حواء عليها السلام المخلوقة من أب دون أم هي المعجزة
الإلهية الثانية في خلق البشرية فإن السيد المسيح عليه السلام المخلوق من أم دون
أب هو المعجزة الإلهية الثالثة في خلق البشرية وجميعهم أية للناس كافة , ومن أشهر
ظواهر الهجرة في التاريخ الإنساني والإسلامي هي هجرة النبي الأكرم والرسول الأعظم
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لنشر وتبليغ
رسالة وتعاليم الإسلام الإلهية السمحة إلى الناس كافة , كما قد هاجر من قبله جميع
أنبياء الله ورسله فراراً بدينهم ونشراً لدعوتهم الإلهية إلى أقوامهم المعرضين
والمعاندين والمشركين , كما أن تعاليم ومفاهيم وتطبيقات الهجرة من المنظور الإسلامي
سوف تظل ملازمة للمسلمين وسائر البشر على امتداد مسيرة الحياة الإنسانية , والهجرة
في يومنا هذا وفى سائر الأيام هي أن تهاجر النفس البشرية جميع الأهواء والضغائن
والكراهية والحسد والجشع والبغضاء والفجور والرذائل والموبقات وجميع أفعال وأعمال
مظاهر الاحتقان والصراعات والانحرافات والتطرف والبغي والبطش والقهر والاستبداد
وغيرها إلى طريق الهداية والتقوى والاستقامة والتعايش السلمى الأمن مع الأخرين ,
كما أن الهجرة المعاصرة هي مهاجرة مقاعد ومراكز الجهل والتخلف والتبعية إلى مقاعد
ومراكز العلم والتقدم والاستقلال والسيادة , وكذا أن يهاجر الإنسان جميع مظاهر الكسل
والخمول والبطالة والتواكل إلى النشاط والحيوية والسعي على الرزق والمعاش , كما أن
الهجرة المعاصرة أيضاً هي أن تهاجر الشعوب والأمم والدول أهوال الحروب والصراعات
الطائفية والعرقية والمذهبية وغيرها إلى السلام والمحبة والتعايش والمواطنة
والتنمية والرخاء والاستقرار الاجتماعي والإقليمي والدولي , ومن مظاهر الهجرة
المعاصرة أيضاً هي الهجرة من جميع مظاهر البطش والاضطهاد العرقي والديني والمذهبي والفكري
والسياسي وغيرها , وكذا الهجرة من أجل تغيير الأوضاع المعيشية والاجتماعية والاقتصادية
الصعبة والمتعثرة , وكذا الهجرة من أجل طلب تحصيل العلم والعلوم والمعرفة , ومن أسمى
مظاهر الهجرة المعاصرة والمرجوة هي هجرة الثقافات والأفكار الأجنبية والغربية
الوافدة والفاسدة والمدمرة والتمسك بالقيم والثقافات الدينية والإسلامية والعربية
الراسخة والمستدامة والبناءة , وكذا هجرة المعتقد الوضعي البشرى المتغير والمضلل
والبائد إلى المعتقد الإلهي الأبدي الراسخ والهادي والراشد , وكذا هجرة النفوس
الشيطانية الفاسدة إلى النفوس الربانية المهدية والمطمئنة .
دكتور مهندس / حسن صادق هيكل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق